الفصل الاول
كانت الثانوية تموج بحركة نشيطة وكثيفة من التلاميذ كل فرد فيها يتمتع بنشاط وحيوية.الكل يريد أن يبرز ذاته وشخصيته على الآخرين معتقدا أنه الأفضل والبطل .هناك من يسير برفقة صديقه أو صديقته والبعض الآخر يفضلون التسكع بعيدون عن الانظار يتناولون السجائر.
ووسط هذه الأمواج ألمتدافعة من التلاميذ يوجد شخصان متميزان جدا عن باقي الشباب في سنهما عرفا بااعزم والصمود والتواضع والهدوء واحترام الغير .لا يختلطان بكطل من هب ودب ولا يفترقان أين ما حلا وارتحلا.
يدرسان في نفس المستوى وفي نفس الفصل ايضا .جاخل القسم يتصرفان بذكاء وتعقل .لا يرفغان أصابعهما للإجابة حينما ترفع أصابيع العامة . وإذا ما أجابا فغالبا ما تكون أجوبتهما بما يثير اهتمام صحيحة وموضوعية.
عرفا بالوقاروالإجتهاد يحصلان على رتب أولى ومعدلات مرتفعة جعلتهما يحضيان بمكانة سامية لدى الأساتذة والتلاميذ.
وعند الإستراحة كانا يفضلان إحدى الأماكن الخالية البعيدة عن الضوضاء كي لا يزعجهما أحد .
حبيا بأفضل وأنبل الصفات يبتعدان عن كل ما قد يخدش بكرامتهما أويجني عليهما الأضرار .سعيدان بما يكنان لبعضهما من الحب والإحترام والصداقة الحميمية .عاشا نفس القصة والحرمان بعيدان عن أهلهما ولكن صبرهما وعزمهما أنسياهما كل المعا نات وصعوبات الحياة .
ويوم الثلاثاءلما دق جرس الساعة العاشرة معلنا عن وقت الإستراحة خرجامن الفصل وجلسا في مكانهما المعتاد فالتفت بصر سامي فرآى فتاة جميلة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة لها وجه جميل آخاذ يميل إلى السمرة و شعرأشقر يلمع كما تلمع الألماس والجواهر. لها قوام رسيق يتناسب مع قامتها.
كانت هذه الفتات تسير مع أخرى التي لا تنقصهاحسنا وبهاء وقد تشابكت أيديهما ... تمشيا ن وكأ نهما فراشتين طائرتين تحلقان في الجو أونجمتين واحدتين وسط السماء ليلة البدر...
وسيم يتكلم و سامي غارقا في هوسه يتأمل في تتك البنت ا لرائعة التي جعلته يحلم من النظرة الأولى.
فنظر اليه سامي لما أمال عليه رأسه وكأنه جمد لا يتحرك يعيش مع خياله الجذاب خاشعا متلهففا فضربه على رأسه متعجبا للسهاد الذي أصيب به فقام مجفلا إهتزت الأرض من حوله فبا جره سامي قائلا: أين ذهب بك عقلك? وما هذا الشروذ الذي أصابك فجأة ?!.ولكنه كان قدغرق في بحر عميق لا ساحل له.
فقال بلهجة رقيقة ودافئة : أنظر الى تلك البنت التي تنزل الدرج رفقة تلك البنت ذات الشعر الطويل والبدلة الوردية
فأشاح وسيم برأسه نعم ,قد رأيتها ,مالها?!
فنطق سامي بابتسامة عريضة: أليست جميلة? ألا تبدو مختلفة?
فقال وسيم وقد راودته الحيرة في ما يقوله صديقه? ما لنا ولها?
ثم استطرد قائلا: اسمع دعك من هده الأشياء السخيفة ولنتحدث في شئ آخر
فقال سامي طائعا لما يقوله صديقه: ,أجل.. أ جل
ولكن طرفاه لم يتوقفا عن التحملق فيها. ووسيم يتأمل في ما آل اليه حال صديقه فجأة.
فدق الجرس ينذر بانتهاء دقائق الاستراحة.
فدخلاالى القسم وشرع الأستاذفي شرح الدرس وقد تاه سامي في حلم عميق يسترجع النظر في تلك الوجنتين الرائعتين اللتان لم يسبق لعينيه أن أبصرتا مثلهما. فانتهى الدرس بعد أن دق الجرس وخرج التلاميذوهم يعتقدونه مصاب بوعكة صحية .ولم يستفيق من حلمه الا عندما شعر بيد الاستاذتضربه برفق على كتفه ,فقام مجفلا وكأنه ا ستفاق من غيبوبة طويلة. فبادره الأستاد متسائلا: ماذا بك يا سامي أأنت مريض أم أنك تشكو من شئ?!.
ثم استطرد قائلا منذ دخلت القسم ورأسك ممددا على الطاولة , وسامي يحاول كل مرة أن يوقضك ولقد نهيته عن إيقاضك حيى أ عرف ما بك
علما منه أنه قدأصيب بوعكة صحية خصوصا وأن سامي من أولئك التلاميذ الذين لا تفوتهم أي كلمة في الدرس.
فنظر سامي حيث صديقه فوجده يحملق فيه فيه بتمعن والأستاذ يكرر طرح هذا السؤال:أكل شئ بخير يا سامي لماذا سكوتك?
فنطق بلهجة ضعيفة مجيبا على أستاذه : نعم .,نعم ولكني...
وسكت لأنه لم يجد كلمة يتلفظ بها .
فاضطر وسيم بأن يتدخل لينقذ صديقه من هذه الورطة التي وقع فيها مع الأستاذ قائلا :لقد أخبرني يا أستاذ عند دخولنا الى القسم انه يشعر بدوران شديد في رأسه .
فقال الأستاذ معتقدا صحة ما يدعيانه:
لماذا لم تطلب الإذن من الإدارة وتذهبا الى المستشفى?
فنطق وسيم ليكذب في سبيل صديقه مرة أخرى :لقد قلت له ذلك ولكنه كان يأمل أن يزول -الدوران- بسرعة. أما الآن فلا أراه بصحة جيدة.
فقال الأستاذ:.اذن فهيا اذهبا واطلبا من الحراسة العامة الإذن كي تذهبا الى المستشفى فلا يستحسن أن تمكث هكذا.
فخرجا من الثا نوية وفي يد سامي ورقة زيارة الطبيب وسامي يرافقه
فقال سامي وقد شعر بحنان شديد تجاه صديقه:لما فعلت ذلك ياصديقي? ومن أرغمك على الكذب ياترى?
فأجاب وسيم بكل هدوء:انسى الأمر يارفيقي
فقال سامي وقد بدأت الدموغ تتناثر من عينيهبغزارة لهذا الحنان الذي يكنه له صديقه:يالك من صديق !أدى بك الأمر الى أن تكذب من أجلي انك...
فقاطعه وسيم وقد تغرغرت الدموع في عينيه :كفاك مدحا لي,أنسيت أنك قلت لي أن لا شكر في الصداقة وأن ما نفعله في سبيل بعضنا هومن قبيل الواجب.
ثم استطرد قائلا: ولكن اخبرني ما هذا الجنون الذي أصبت به منذ نظرت الى تلك ال...
وسكت مخافة قلق صديقه.
ولكن هذه العبارة قدأشعرت سامي بالإستياء.
فحملق غي وجهه وقال :انك صديقي الوحيد وغلاوتك عندي لا تتصور:لذا أرجو منك ألا تذكر تلك البنت بسوء.
فضخك وسيم وقال أنك حقا واقع في غرامها !يالك من مجنون أتحبها لدرجة أن تغضب على صديقك من أجلها!!
لا لن أغضب عنك ولكن ...
ولم يجد عبارة ينطق بها .ثم نطق وسيم ساخرا:انك لن تغضب مني فحسب بل ربما قد تاكلني ان أنا ذكرتها بسوء
ثم استطرد قائلا أتعرف أيها المجنون: لقد بدأت أشعر بالغيرة من هذه البنت.
فلكمه سامي في كتفه وقال :يالك من لئيم.! ان العيب الأساسي فيك ياصديقي هو أنك ساخرا في كل شئ.
ثم استطرد بعد ذلك قائلا:أتعرف ياصاح : لقد انشغل تفكيري كله في هذه البنت التي..التي...
وعجز لسانه عن وصف هذه البنت التي بدا له كل ما عداها لا معنى له
فحدق زسيم فيه بحيرة وقال:انني بدأت أتجاهلك يارفيقي ولم يسبق لي أتجاهلك كمن قبل.
فتابع سامي ما يقوله صديقه باهتمام بالغ قائلا:ما الذي بدأت تتجاهله في ياصاح:?!
فاجاب بلهجة تشبهة تشبه السخرية :عندما اعود بتفكيرى الى المنطق أدرك انك مغفلا ومجنونا وقد بدات أخاف عليك .
وساد السكون لدقائق وسامي يبحث عن كلمات يقولها بينما كان قلبه يخفق بشدة . ثم نطق قائلا وبعبوسية في وجهه: لما أدركت أنني مغفلا ومجنونا? وما الذي بدات تخاف علي منه ?!!.
فنظر اليه وسيم وقد بدا عليه الاسترخاء التام وهو يقول: هدئ من روعك ولا تحاول أن تذهب بتفكيرك بعيدا فأنت تعلم مدى حبي لك فأنت بمثابة اخ أكبر لي وهذا ما يجعلني أقلق عليك من اتن تسقط في ما قد سبق وسقطت فيه
ثم استطرد بعد ذلك قائلاوالدموع تكاد تتساقط من عينيه لما لاحظه على صديقه من انزعاج: أتعرف !اني أطيق أن أكون تعيسا ولكني أنهار كليا لما ارى الحزن في عينيك.
فنظر اليه سامي بنظرة حنونية وقال: أنا لا أشك في ما تقول ولكن كلامك الأخير يشعرني بالحيرة .
فهاذان الشابان تربطهما رابطة قوية بحيث يقلق كل منهما على صديقه اكثر مما يقلق على نفسه. الشئ الذي يجعل وسيم يخاف على صديقه من أن يقع في حب هذه البنت التي قد لا تبادله نفس الحب أو تتركه في النهاية فتنهار نفسيته كما انهارت عند فراقه لابتسام فتات قريتها التي كان يحبها بجنون ثم تزوجت من شخص ءاخر وتركته يتألم.
فبادره سامي قائلا: من ماذا بدأت تخاف علي ?!
فأشاح وسيم بوجهه عنه كي لايذكره بتلك القصة التي عانى منها الكثيرقائلا: لا تشغل بالك بالك بما قلت لك انها مجرد أوهام سيطرت علي .
لكن سامي ليس ساذجا ليقتنع بهذه العبارة البسيطة وهو المشهود له بالفطنة.
فقال : أتعرف ياصاح أنا لست مغفلا لأقتنع بهذا الكلام فأرجو ألا تخبئ عني شيئا فأنا شخص احب الصراحة كطيف ما كانت
حينها نطق وسيم وقال:صدقني ليس هناك ما اخبئه عنك ولكن الشئ الذي يجب أن أذكرك به : هو أن جراحك لا زالت لم تلتئم بعد جراء فراقك لابتسام التي أخانت حبك وتزوجت من شخص آخر.
ثم استطرد كلامه قائلا: هكذا هن البنات يتظاهرن بمحبتك فاذا ما ظهر السبع فانهن يتركن الذئب(أي ما ظهر رجل غني فانهن يتركن المحب الفقير) اللعنة..
فقاطع سامي كلامه سارخا في وجهه مدافعا عن تلك البنت التي عاش معها اسعد لحظات عمره:كفى.. كفى...ان ابتسام لم تتركني لرغبة منها ولكنها أرغمت على ان تتزوج بشخص كبير السن لم تحبه قط ولا أظنها سعيدة معه.
فسكت لوهلة ثم استطرد: ياليت كل الفتيات مثل ابتسام!فهي بنت لطيفة و كانت صادقة معي في حبها وقد واجهت كل المشاكل بمفردها ولم اقف الى جانبها بل أكثر من ذلك اني حطمت قلبها
سأ تا بع الكتابة إن شاء الله